حذر وزير العدل عبد اللطيف وهبي من الانزلاقات الخطيرة التي باتت تعرفها مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن النقاش الدائر حولها لم يعد يندرج ضمن الخلافات القانونية أو السجالات الحقوقية التقليدية، بل أضحى تحدياً اجتماعياً وأخلاقياً حقيقياً يهدد تماسك المجتمع ويمس بكرامة الأفراد.
وخلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء 23 دجنبر الجاري، وصف وهبي ما يجري على المنصات الرقمية بـ«مصائب العصر»، مشيراً إلى أن حرية التعبير، رغم كونها إحدى ركائز البناء الديمقراطي، تحولت في كثير من الحالات إلى غطاء للتشهير وانتهاك الحياة الخاصة، دون أي ضوابط قانونية أو وازع أخلاقي.
وأوضح وزير العدل أن النقاش العمومي بشأن حرية التعبير يشهد اختزالاً مقلقاً، حيث يتم الخلط بين النقد المشروع والاعتداء الصريح على سمعة الأشخاص وكرامتهم، معتبراً أن التشهير الرقمي يشكل «اغتيالاً معنوياً» قد تكون آثاره أعمق وأطول زمناً من الأذى الجسدي، لما يخلفه من أضرار نفسية واجتماعية تطال الضحايا وأسرهم.
وفي هذا السياق، أقر وهبي بقصور المنظومة القانونية الحالية عن مجاراة وتيرة وخطورة الجرائم الرقمية، معترفاً بأن الحكومة لم تنجح بعد في إرساء نصوص زجرية صارمة تواكب التحولات المتسارعة للفضاء الرقمي، ومشدداً على أن الاكتفاء بالخطاب الأخلاقي أو النداءات العامة لم يعد كافياً في عالم افتراضي عابر للحدود ومعقد من حيث الإثبات والمتابعة.
كما نبه الوزير إلى أن جرائم التشهير ونشر المعطيات الشخصية دون إذن تمثل تهديداً مباشراً للنسيج الاجتماعي، محذراً من تحول الإنترنت إلى ساحة مفتوحة لانتهاك الخصوصية وتصفية الحسابات الشخصية تحت شعارات فضفاضة لا تصمد أمام الواقع.
وتوقف وهبي عند ما اعتبره انتهاكاً يومياً لقرينة البراءة، موضحاً أن عدداً من المواطنين يُدانوا ويحاكموا افتراضياً قبل أن يمثلوا أمام القضاء، ما يخلق خلطاً خطيراً بين الاتهام والحكم في الوعي الجماعي، ويلحق أضراراً جسيمة بأشخاص قد تثبت براءتهم لاحقاً. وأكد في هذا الصدد أن حماية المواطنين التزام دستوري، وأن القضاء وحده، وليس مواقع التواصل أو ضغط الرأي العام، هو المخول بإصدار الأحكام.
